اللغز الإداري في الإسكندرية
القبض على رئيس حي شرق الإسكندرية بعد أيام من توليه المنصب.. تفاصيل صادمة تكشف كواليس الفساد الإداري

بداية صادمة بعد أيام من تولي المنصب
في واقعة هزّت الأوساط المحلية بالإسكندرية، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على اللواء حاتم زين العابدين، رئيس حي شرق الإسكندرية، بعد صدور حكم نهائي ضده بالسجن المؤبد في قضية رشوة سابقة تعود أحداثها إلى فترة توليه منصب رئيس مجلس مدينة المحلة الكبرى عام 2021.
المثير للدهشة أن عملية القبض عليه جاءت بعد أيام فقط من توليه منصبه الجديد في الإسكندرية، ما أثار تساؤلات واسعة حول آليات التعيين والرقابة على القيادات المحلية.
تفاصيل القضية.. رشوة مقابل مستخلصات مالية
بحسب المعلومات التي حصلت عليها الصباح اليوم، فإن الحكم الصادر في القضية رقم 1329 لسنة 2025 جنايات باب شرقي، يقضي بسجن المتهم مؤبدًا بعد إدانته بتلقي رشوة مالية قدرها 140 ألف جنيه من أحد رجال الأعمال بمحافظة الغربية، مقابل تسهيل صرف مستخلصات مالية مستحقة لشركة يملكها الأخير.
القضية تعود إلى عام 2021 حين كان المتهم يشغل منصب رئيس مجلس مدينة المحلة الكبرى، حيث استغل نفوذه لتسيير إجراءات مالية لصالح المتهم الثاني في القضية، وهو أحد رجال الأعمال، مقابل الرشوة المذكورة.
الرقابة الإدارية تكشف المستور
كشفت مصادر أمنية أن هيئة الرقابة الإدارية كانت قد ألقت القبض على المتهم في وقت سابق عقب ثبوت الأدلة ضده، قبل أن يُخلى سبيله على ذمة القضية.
وخلال فترة التحقيقات، صدر قرار وزاري برقم 457 لسنة 2022 من اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، بندبه للعمل في ديوان عام محافظة الإسكندرية لمدة عام.
وفي خطوة لاحقة، تم تعيينه رئيسًا لحي شرق الإسكندرية، قبل أن تُنفذ الجهات الأمنية حكم المؤبد الصادر بحقه في إحدى القضايا الأخطر ضمن ملف الفساد الإداري في المحليات.
فساد المحليات.. ملف لا ينتهي
تأتي هذه الواقعة لتُعيد إلى الواجهة التحذيرات القديمة من تفشي الفساد داخل الأجهزة المحلية، خاصة في قطاعات التراخيص والمقاولات والخدمات العامة.
وتتردد تساؤلات مشروعة حول كيفية تولي مسؤول محكوم عليه في قضية رشوة منصبًا قياديًا من جديد، مما يشير إلى خلل واضح في منظومة المتابعة والفحص الأمني الخاصة بالقيادات التنفيذية.
هذه الحادثة تؤكد صحة مقولة الراحل زكريا عزمي حين قال عبارته الشهيرة: «الفساد في المحليات للركب»، والتي باتت اليوم وصفًا دقيقًا لواقع مؤلم يتكرر في أكثر من محافظة.
مطالب بتشديد الرقابة والمساءلة
ناشطون وخبراء في الشأن المحلي طالبوا بضرورة إعادة فحص الذمم المالية لرؤساء الأحياء ومجالس المدن على مستوى الجمهورية، وتفعيل قانون “من أين لك هذا؟” على جميع المسؤولين المحليين، دون استثناء.
كما دعوا إلى تشديد العقوبات بحق من يثبت تورطه في قضايا الرشوة أو استغلال النفوذ، بحيث تشمل المصادرة الكاملة للأموال والممتلكات غير المشروعة، والمنع من تولي أي مناصب حكومية مستقبلًا.
دروس من واقعة الإسكندرية
القضية لم تعد مجرد حدث محلي، بل ناقوس خطر يستدعي إعادة النظر في معايير التعيين داخل الإدارات التنفيذية.
فحين يتم تعيين مسؤول مدان بالرشوة في موقع جديد بعد عامين فقط من التحقيق معه، فهذا يعني أن نظام الرقابة بحاجة إلى إصلاح جذري، يضمن منع تكرار مثل هذه الكوارث التي تهز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
الفساد ينخر في بعض مفاصل الإدارة المحلية
القبض على رئيس حي شرق الإسكندرية بعد أيام من توليه المنصب هو إنذار واضح بأن الفساد لا يزال ينخر في بعض مفاصل الإدارة المحلية.
لكنها في الوقت ذاته رسالة أمل بأن الرقابة الإدارية وأجهزة الدولة ما زالت يقظة، وأن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تغيب.