إضراب عام يشل مدن إيطاليا للمطالبة بالاعتراف بدولة فلسطين ووقف الحرب على غزة

شهدت إيطاليا اليوم إضراباً عاماً واسع النطاق اجتاح جميع المدن من الشمال إلى الجنوب، تضامناً مع الشعب الفلسطيني وضد الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023. تعطلت حركة القطارات والمترو والحافلات، وأُغلقت المدارس والجامعات، فيما نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات تطالب بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، واصفين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "مجرم حرب".
تعبئة جماهيرية غير مسبوقة
انطلقت الاحتجاجات من العاصمة روما، حيث احتشد أكثر من 20 ألف متظاهر في محطة تيرميني، قبل أن تمتد إلى ميلانو، تورينو، نابولي، جنوة، بولونيا، باليرمو، وغيرها من المدن الإيطالية. ووفقاً للنقابات المنظمة، شارك في الإضراب عشرات الآلاف من العمال والطلاب والموظفين الحكوميين والقطاع الخاص، ليصبح هذا التحرك واحداً من أضخم التعبئات الشعبية في أوروبا تضامناً مع فلسطين.
دور النقابات والطلاب في التصعيد
جاءت الدعوة إلى الإضراب من اتحاد النقابة الأساسية (USB) بالتعاون مع حركات طلابية ومجتمعية، حيث ركزت المطالب على وقف التعاون العسكري مع إسرائيل وقطع العلاقات الاقتصادية معها، فضلاً عن الضغط على الحكومة الإيطالية للاعتراف بدولة فلسطين أسوة بعدد من الدول الأوروبية. كما شهدت الجامعات الإيطالية، وعلى رأسها جامعة سابينزا في روما، مظاهرات طلابية ردد خلالها المشاركون شعارات مناهضة للصهيونية وداعمة للقضية الفلسطينية.
شعارات ومطالب المحتجين
تنوّعت شعارات المحتجين ما بين "فلسطين حرة"، و"أوقفوا الإبادة الجماعية"، وصولاً إلى وصف نتنياهو بـ "مجرم حرب". وقد حدد المتظاهرون مجموعة من المطالب أبرزها:
-
الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
-
وقف فوري للحرب على غزة ورفع الحصار.
-
فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على حكومة نتنياهو.
-
تعليق التعاون العسكري الإيطالي – الإسرائيلي.
-
دعم مبادرات دولية مثل "أسطول الحرية" لكسر الحصار عن غزة.
مواجهات محدودة مع الشرطة
ورغم أن غالبية المظاهرات سارت بشكل سلمي، إلا أن بعض المدن شهدت مواجهات محدودة، خاصة في ميلانو ونابولي، حيث تدخلت الشرطة بالغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق محتجين حاولوا إغلاق محطات القطار والطرق السريعة. وأسفرت هذه المواجهات عن إصابة عشرات من عناصر الأمن واعتقال عدد من المتظاهرين، فيما ظل الطابع العام للاحتجاجات سلمياً وحضارياً.
موقف الحكومة والمعارضة
هاجمت رئيسة الوزراء جورجا ميلوني المتظاهرين العنيفين ووصفتهم بـ"المخرّبين"، فيما أكد وزير الخارجية أنطونيو تاجاني أن الحكومة لن تغيّر موقفها من إسرائيل. في المقابل، رحبت المعارضة اليسارية وأحزاب مثل الحزب الديمقراطي وحركة خمس نجوم بهذا التحرك، معتبرة أن صوت الشارع يجب أن يُسمع، وأن إيطاليا لا يمكنها أن تبقى صامتة أمام ما يجري في غزة.
السياق الدولي
تزامن الإضراب الإيطالي مع موجة اعترافات غربية بدولة فلسطين، إذ أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ومالطا ولوكسمبورغ وبلجيكا اعترافها الرسمي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. هذا الزخم الدولي يعزز الضغوط على الحكومات الأوروبية، بما فيها إيطاليا، لاتخاذ موقف حاسم تجاه القضية الفلسطينية.
تحول كبيراً في الرأي العام الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية
الإضراب العام في إيطاليا يعكس تحولاً كبيراً في الرأي العام الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، ويضع حكومة ميلوني أمام اختبار صعب بين الاستمرار في مواقفها التقليدية أو الانصياع لإرادة الشارع الإيطالي المتعاطف مع غزة. وفي وقت تتزايد فيه الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، يبقى السؤال: هل تنضم إيطاليا قريباً إلى ركب الدول المعترفة أم تظل أسيرة تحالفاتها السياسية؟