اغتيال افتهان المشهري.. جريمة هزت تعز وكشفت تواطؤ الإخوان

دوّى اغتيال افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، كرصاصة اخترقت جسد المدينة بأكملها، لتتحول القيادية التي جابهت لوبيات فساد الإخوان إلى ضحية جديدة في مسلسل دموي يخطّه التنظيم منذ سنوات.
هذه الجريمة لم تنتهك فقط أعراف اليمن وتقاليده التي حرّمت استهداف النساء، بل أماطت اللثام عن حجم التواطؤ الأمني والسياسي الذي مكّن القتلة من التمادي، فيما خرجت نساء تعز في وقفات غاضبة وأعلن عمال النظافة إضراباً شلّ شوارع المدينة، لتؤكد كل المؤشرات أن اغتيال افتهان ليس حادثة معزولة بل عنوان لفشل أمني ممنهج.
تواطؤ شجع القتلة
كشفت وثائق رسمية تداولها ناشطون أن افتهان المشهري أبلغت السلطات الأمنية والعسكرية بتعز مراراً عن تعرضها لتهديدات واعتداءات، آخرها قبل أسابيع من اغتيالها، إلا أن صمت الأجهزة الأمنية الموالية للإخوان شجع القتلة على تنفيذ جريمتهم.
الوثيقة الصادرة بتاريخ 18 أغسطس الماضي من محافظ تعز نبيل شمسان إلى مدير الشرطة، أكدت أن المشهري تعرضت لتهديدات بالتصفية من القاتل ذاته الذي نفذ الجريمة لاحقاً.
أثار الأغتيال علي السيارة
وقالت الناشطة اليمنية عُلا السقاف: "الضحية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالتخاذل والتواطؤ جعل القاتل الحقيقي هو الصمت الرسمي"، مضيفة أن المشهري وموظفيها واجهوا تهديدات متكررة لكن دون أي حماية تذكر.
تعز.. مدينة محاصرة من الداخل
أكدت السقاف أن تعز اليوم ليست فقط محاصرة من الحوثيين، بل من الداخل أيضاً عبر جماعات مسلحة حولت حياة أبنائها إلى جحيم، مشيرة إلى أن كل من يحاول النهوض بالمدينة يصبح هدفاً للاغتيال.
وأعادت التذكير باغتيال الموظف الأممي مؤيد حميدي عام 2023، مؤكدة أن السيناريو ذاته يتكرر، حيث يتم استهداف كل مشروع إصلاحي أو تنموي يهدد نفوذ الفساد.
اعتصام نسائي مفتوح
من جانبها، قالت الناشطة داليا محمد إن نساء تعز يعتزمن تنفيذ اعتصام مفتوح للضغط على الدولة وأجهزتها للقيام بواجبها والقبض على القتلة، مشيرة إلى أن "اغتيال افتهان المشهري جريمة بحق الإنسانية، واستهدافها يعني استهداف جميع نساء تعز"، وهو ما جعل صدى الجريمة يتجاوز حدود المدينة إلى الرأي العام اليمني والدولي.
تداعيات سياسية واجتماعية
اغتيال افتهان المشهري لا يمكن النظر إليه كجريمة فردية، بل كجزء من منظومة اغتيالات استهدفت الكفاءات والشخصيات الفاعلة في تعز، في ظل غياب الدولة وسيطرة الجماعات المسلحة. الجريمة تمثل رسالة تهديد لكل من يحاول مواجهة الفساد أو كشف التواطؤ، ورسالة خوف لمجتمع يفتقر للحماية ويواجه العنف في أبشع صوره.