خطوط السيسي الحمراء في قمة الدوحة
قراءة في خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة الدوحة: رسالة مباشرة بلا مواربة- تحذيرات وخيارات صعبة

بداية وقبل كل شيء يجب أن نذكر أن مصر تدرك المخاطر التي تواجه المنطقة ومخاطرها علي الجميع ومن هنا ارتكزت في ممارساتها علي عدة مباديء واخلاق تتناسب مغ تاريخها والتزاماتها تجاة الأمن القومي للأمة العربية ولن تلتفت الي الخلافات الصغيرة ولكنها تدرك تمام المخاطر الحقيقية التي تحيط بالمنطقة ومن هنا جاء خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة الدوحة الأخيرة لم يكن مجرد كلمات بروتوكولية كما اعتاد البعض في المحافل الدولية، بل جاء حادًا وصريحًا ومباشرًا موجّهًا هذه المرة ليس إلى حكومة الاحتلال أو قادتها، وإنما إلى الشعب هناك نفسه. هذا التحول في الخطاب السياسي يعكس رسالة قوية مفادها أن مصر لم تعد تكتفي بانتقاد السياسات بل صارت تخاطب المجتمعات مباشرة لتضعها أمام مسؤوليتها التاريخية.
دلالة مخاطبة الشعوب لا الحكومات
حين يتجاوز رئيس دولة بحجم مصر مخاطبة حكومة الاحتلال ليتوجه بكلماته إلى الشعب، فإن ذلك يحمل معنى سياسيًا بالغ الخطورة: الحكومة هناك فقدت رصيدها ولم تعد قادرة على أن تكون شريكًا موثوقًا أو مخاطبًا مقبولًا. السيسي قالها بوضوح: "أمنكم على المحك"، ما يعني أن الشعب نفسه بات أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتحرك ويغير من يقود، أو أن يدفع الثمن باهظًا.
السلام ليس مقدسًا
الرسالة الأهم التي حملها خطاب السيسي هي أن "اتفاقية السلام ليست قرآنًا"، بل اتفاق سياسي يمكن مراجعته إذا ما استمر الاحتلال في العناد والتعنت. هذا التصريح ليس مجرد انتقاد دبلوماسي بل تهديد صريح يضع الخطوط الحمراء بوضوح: لا استقرار مجاني ولا أمن بلا ثمن. مصر هنا تعيد صياغة المعادلة: السلام ليس منحة، والاستقرار ليس هدية، بل التزام متبادل قائم على الاحترام والحقوق.
صفعة سياسية في العلن
الخطاب المصري لم يتزين بعبارات الإدانة المعتادة التي طالما ملأت بيانات القمم، بل جاء صفعة قوية على وجه حكومة الاحتلال أمام أنظار العالم كله. لم يكن في كلام السيسي مجاملة دبلوماسية أو محاولة للموازنة بين الكلمات، بل كان تصريحًا مباشرًا وحازمًا يضع النقاط على الحروف.
مصر تتكلم حين تكون جاهزة
من أهم دلالات خطاب السيسي أن مصر لا تلجأ إلى التهديدات الكلامية، بل تتحدث فقط عندما تكون جاهزة لتحويل كلماتها إلى أفعال. هذه القاعدة السياسية رسختها القاهرة عبر تاريخها الطويل ورسختها اليوم مرة أخرى حين أعلنت أن "أمن إسرائيل على المحك". الرسالة إذن واضحة: الحسابات تغيرت، ومصر قادرة على دفع الثمن وإجبار الآخرين على دفع أثمان أكبر بكثير مما تدفعة.
رسالة إلى الداخل هناك
الخطاب حمل أيضًا رسالة ضمنية إلى المجتمع الإسرائيلي: أنتم لستم بمنأى عن قرارات حكومتكم، وأن استمراركم في الصمت يعني أنكم شركاء في دفع الثمن. هذه ليست لغة شجب عابرة بل تحذير صريح بأن استقراركم مهدد طالما أن حكومتكم تواصل سياساتها القائمة على العناد والعداء والأعتداء علي الأخرين.
رسائل مباشرة محملة بالتحذيرات والخيارات الصعبة
خطاب الرئيس السيسي في قمة الدوحة لم يكن مجرد موقف سياسي بل إعلان مرحلة جديدة في لغة الخطاب المصري تجاه الاحتلال: لا مزيد من المجاملات ولا الاكتفاء بالشجب، بل رسائل مباشرة محملة بالتحذيرات والخيارات الصعبة. إنها لغة القوة في زمن تتبدل فيه الحسابات، ورسالة بأن مصر حين تتكلم فإنها تدرك وزنها وتعرف كيف تجعل الآخرين يعيدون حساباتهم ألف مرة - تحيا مصر.