فضيحة مايكروسوفت : تعاونت مع الجيش الإسرائيلي للتجسس على ملايين الفلسطينيين - التفاصيل كاملة

قضيحة من العيار الثقيل تورطت فيها شركة مايكروسوفت العالمية مع جيش الأحتلال الإسرائيلي في تعقب الفلسطينيين حيث تحقيق استقصائي خطير كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن تعاون سري ومتشعب بين شركة مايكروسوفت العالمية والجيش الإسرائيلي، يهدف إلى تخزين وتحليل ملايين المكالمات الهاتفية التي يُجريها الفلسطينيون يوميًا في الضفة الغربية وقطاع غزة عبر منصة "أزور" السحابية التابعة للشركة. التحقيق، الذي أعدته الجارديان بالتعاون مع مجلة +972 ومنصة "لوكال كول"، يسلط الضوء على أضخم مشروع مراقبة جماعية تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى اليوم.
أنشاء منطقة خاصة وآمنة" داخل منصة مايكروسوفت السحابية، تمكّنها من تخزين كمٍّ هائل من البيانات الاستخباراتية
وبحسب التقرير، فإن المشروع بدأ فعليًا عام 2022 بعد لقاء جمع الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، ساتيا ناديلا، مع قائد وحدة الاستخبارات الإسرائيلية الأشهر، المعروفة باسم الوحدة 8200، في مقر الشركة بالقرب من سياتل. ومن هناك، حصلت الوحدة على موافقة رسمية لإنشاء "منطقة خاصة وآمنة" داخل منصة مايكروسوفت السحابية، تمكّنها من تخزين كمٍّ هائل من البيانات الاستخباراتية، وعلى رأسها تسجيلات المكالمات الهاتفية للفلسطينيين.
تجميع محتوى ملايين المكالمات اليومية بما فيها مكالمات دولية ومحلية
التحقيق يكشف أن الهدف المعلن لمايكروسوفت كان "تعزيز الأمن السيبراني وحماية إسرائيل من التهديدات"، لكن الواقع كان أبعد من ذلك. إذ بدأت الوحدة 8200 بتجميع محتوى ملايين المكالمات اليومية، بما فيها مكالمات دولية ومحلية، والاحتفاظ بها على خوادم الشركة في هولندا وأيرلندا، مما فتح الباب أمام مراقبة جماعية عشوائية دون أوامر قضائية أو استهداف مسبق.
تخزين أكثر من 200 مليون ساعة من التسجيلات حسب الوثائق المسربة
أكثر من 11 ألف تيرابايت من بيانات الاتصالات تم تخزينها حتى يوليو 2025، وهو ما يعادل أكثر من 200 مليون ساعة من التسجيلات، وفقًا للوثائق المسربة التي حصلت عليها الصحيفة. وتشير المصادر إلى أن المشروع يحمل شعارًا داخليًا داخل الوحدة الإسرائيلية: "مليون مكالمة في الساعة"، وهو ما يكشف عن حجم الطموح الذي يقف خلف تلك المنظومة.
البيانات تُستخدم في تتبع الفلسطينيين وابتزاز بعضهم
وبحسب شهادات ضباط سابقين في الوحدة 8200، فإن هذه البيانات تُستخدم في تتبع الفلسطينيين، وابتزاز بعضهم، وتبرير اعتقال أو حتى اغتيال آخرين، باستخدام مكالمات سابقة يُعاد تشغيلها بعد أشهر من حدوثها، في انتهاك صارخ لحقوق الخصوصية ولقوانين حماية البيانات.
تعاون يومي ومباشر بين مهندسي الشركة ووحدة التجسس الإسرائيلية
ورغم نفي مايكروسوفت علمها بمحتوى البيانات المخزنة، فإن التحقيقات الداخلية والوثائق تشير إلى تعاون يومي ومباشر بين مهندسي الشركة ووحدة التجسس الإسرائيلية. وقد طُلب من مهندسي مايكروسوفت عدم الإفصاح عن اسم "الوحدة 8200" أثناء تنفيذ المشروع، في محاولة لطمس المعالم الأخلاقية والقانونية للمشاركة.
التحقيق لم يقف عند الممارسات التقنية فقط، بل تطرق أيضًا إلى التداعيات السياسية والاقتصادية. فبينما يعاني سكان غزة من دمار واسع النطاق نتيجة الحصار والضربات الجوية، كانت المعلومات المستخلصة من المكالمات تُستخدم لتحديد أهداف الضربات الإسرائيلية، وفقًا لما أكده بعض الضباط. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 60 ألف فلسطيني قُتلوا في الحملة على غزة، بينهم ما يزيد عن 18 ألف طفل.
احتجاجات داخل الشركة وموظفة قاطعت خطابًا لرئيس الشركة ناديلا، صارخة: "أيديكم ملطخة بدماء غزة
مايكروسوفت تواجه الآن ضغوطًا متزايدة من موظفيها والمستثمرين لإعادة النظر في علاقاتها مع الجيش الإسرائيلي. وقد ظهرت احتجاجات داخل الشركة، من بينها موظفة قاطعت خطابًا لرئيس الشركة ناديلا، صارخة: "أيديكم ملطخة بدماء غزة". كما منعت الشركة موظفيها من استخدام كلمات مثل "غزة" و"إبادة جماعية" في مراسلاتهم الداخلية، ما فُهم على أنه محاولة لقمع الأصوات المعارضة داخل المؤسسة.
التكنولوجيا تنتهك الحريلت بشكل صارخ
رغم تعهدات مايكروسوفت بمراجعة شراكاتها العسكرية، إلا أن التقرير يؤكد أن العلاقة مع الوحدة 8200 تتسع، وأن الشركة تعتبر المشروع فرصة تجارية كبرى قد تدر عليها مئات الملايين من الدولارات، وتمنح علامتها التجارية "لحظة فارقة"، وفقًا لوثائق داخلية.
المخاوف تتزايد من أن تتحول التكنولوجيا السحابية، بدلًا من أن تكون أداة للابتكار والتقدم، إلى منصة مركزية لانتهاك الحريات، ومراقبة المدنيين، وتسهيل جرائم حرب بحجة "الأمن السيبراني". وبينما تغض الحكومات الغربية الطرف، يبقى المواطن الفلسطيني الحلقة الأضعف في مواجهة منظومة مراقبة غير مسبوقة في التاريخ الحديث.