خالد زايد يكتب :هل كنا مستعدين للتقدّم؟ أم فوجئنا به دون أن نفهم مسؤوليته؟
في مفارقة ساخرة تتكرر في مجتمعاتنا-نلوم من أخذ بيدنا إلى التقدم، لا من تركنا على هامشه. نثور على الكهرباء لأنها أضاءت أربعة آلاف قرية كانت تعيش في ظلام ألفي عام. نشكو من البوتاجاز لأنه حلّ محل روث الحيوانات. نلعن المصانع لأنها تتطلب اليوم صيانة وإحلال وتجديدًا لم نخطط له، وكأنها كانت "تماثيل فرعونية" خالدة لا تصدأ ولا تتآكل!
أنت السبب في كل مشاكلنا،
نشرت الكهرباء في أربعة ألاف قرية
عاشت بدونها أربعة الاف سنة،
ففسد اهلها.
عرفوا المدارس
والراديو
والتليفزيون،
أرادوا ان يعيشوا فى القرن العشرين مثلنا، وصارت لدينا مشكلة اسمها مشكلة الطاقة.
أقمت مصانع كانت تنتج يومياً جهاز بوتاجاز ثمنه عشرة جنيهات
بقسط جنيه واحد في الشهر
فصار الفول والطعمية يطبخان في البيوت والدكاكين علي البوتاجاز وصارت لدينا مشكلة البوتاجاز بعد ما كان الفلاحين يستخدمون روث الحيوانات، وتفاقمت مشكلة الطاقة والبوتاجاز
وكان هؤلاء الفلاحون لا يأكلون إلا البصل والمش والخبز الجاف ويبيعون لنا البيض والدجاج في المدن، فصاروا الأن يأكلون مثلنا أو يحاولون.
أقمت لنا ألف مصنع.
ولم تعرف أننا بعد عشرين سنة سنواجه مشكلة اسمها الإحلال والتجديد دون أن تترك لنا بوليصة تأمين لاستهلاك المصانع التي ليست تماثيل فرعونية تعيش الأف السنين دون جهد .
بل واقمت ايضاً السد العالي وهو ليس أهرامات صماء لا تحتاج إلى خدمة.
ولكنه تورببنات
وبحيرات
وتغيرت جولوجية تحتاج إلى المتابعة والتطوير وشق الترع
وهذا كله رحمة لنا،
ونحن نريد أن ننام
لقد حملتنا هموم التقدم ومسؤلياته،
والعمل على مواجهة مشاكله ،
أردت أن يعيش شعبنا القرن العشرين
هل هذا معقول؟!!
لماذا لم تتركنا نحن النصف مليون نركب السيارات ونستعمل الكهرباء ونتفرج علي الفيديو ونستمتع بالتكييف؟
لماذا أزعجتنا بإيقاظ عشرات الملايين الآخرين الذين كانوا راضين بالبصل والمش وموت مواليدهم والانحناء علي الأرض من الفجر والنوم مع الغروب، فصاروا يزاحموننا في كل شيء ويعكرون صفو حياتنا؟!!
انت السبب!!
