إيران تستخدم صاروخ ”خيبرشكن” متعدد الرؤوس لأول مرة في قصف إسرائيل. وتستهدف منشآت استراتيجية داخل الأراضي المحتلة

ذكرت العلاقات العامة لقوات الحرس الثوري الإيراني، فجر اليوم السبت 21 يونيو 2025، عن تنفيذ الموجة العشرين من عملية "الوعد الصادق 3"، والتي شهدت لأول مرة استخدام صاروخ "خيبرشكن" الباليستي متعدد الرؤوس من الجيل الثالث، في خطوة تمثل نقلة نوعية في القدرات الصاروخية الإيرانية وتكتيكات الردع الإقليمي.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن وكالة "تسنيم" الدولية للأنباء، فإن العملية الجديدة حملت توقيع القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وبدأت بإطلاق 40 صاروخًا باليستيًا من نوعي الوقود السائل والصلب، باتجاه أهداف عسكرية واستراتيجية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أبرزها مطار بن غوريون الدولي، ومركز الأبحاث البيولوجية التابع للكيان الإسرائيلي، بالإضافة إلى مراكز القيادة والسيطرة البديلة.
صواريخ بتقنيات توجيه متقدمة وقدرات تدميرية عالية
وتميّزت هذه الضربة العسكرية الجديدة باستخدام صواريخ موجهة ذات قدرة عالية على المناورة، يمكنها تعديل مسارها أثناء مرحلة الهبوط، وتوجيهها حتى لحظة الاصطدام. وقد زُوّدت هذه الصواريخ برؤوس حربية شديدة الانفجار من أنواع مختلفة، تهدف إلى تحقيق أعلى قدر من الدقة التدميرية والتأثير النفسي على العدو.
واعتبر مراقبون هذا الاستخدام لصاروخ "خيبرشكن" لأول مرة في ساحة العمليات بمثابة رسالة مزدوجة: رسالة ردع لإسرائيل، ورسالة جاهزية استراتيجية للمنطقة بأكملها، تؤكد تطور المنظومة الصاروخية الإيرانية في توقيت حرج يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيدًا عسكريًا وسياسيًا واسع النطاق.
الهدف: إرباك المنظومات الدفاعية الإسرائيلية وشل مراكز القيادة
وأوضح البيان الإيراني أن صواريخ "خيبرشكن" تم إطلاقها ضمن تكتيك "المباغتة المتعددة المحاور"، وهو أسلوب يعتمد على الضربات المفاجئة بتوقيتات متقطعة ومتنوعة الاتجاه، بهدف شل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية وإرباك غرف القيادة والسيطرة.
وأفادت التقارير الواردة من داخل الأراضي المحتلة أن صافرات الإنذار دوت مجددًا في تل أبيب ومحيط مطار بن غوريون بعد وقوع ضربات دقيقة، ما يشير إلى اختراق جزئي – أو ربما كلي – لأنظمة القبة الحديدية، ويؤكد فشلها في اعتراض بعض الصواريخ القادمة.
الحرس الثوري يلوّح: لم نستخدم كامل قدراتنا بعد
وفي نبرة تحذيرية لافتة، اختتم الحرس الثوري بيانه بالتأكيد على أن "القدرات الرئيسية للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تُفعَّل بعد في هذا الدفاع المقدس"، في إشارة إلى امتلاك إيران مزيدًا من القدرات الردعية المخزنة وغير المعلنة، والتي يمكن استخدامها في حال توسعت رقعة المواجهة أو تم استهداف شخصيات قيادية.
توقيت ورسائل سياسية مصاحبة
ويأتي هذا التطور بعد أيام من تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمحطة "ABC News"، لمّح فيها إلى احتمال تنفيذ عملية اغتيال تستهدف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قائلاً إن "مثل هذا الحدث لن يصعّد النزاع بل سينهيه"، وهو ما اعتبرته طهران تهديدًا مباشرًا، وبدأت منذ ذلك الوقت تصعيدًا ممنهجًا ومتصاعدًا في هجماتها.
كما أعقب ذلك، إعلان من مصادر استخباراتية إيرانية بأن المرشد خامنئي فوض صلاحياته الكاملة للمجلس الأعلى للحرس الثوري، في خطوة يُنظر إليها على أنها تحضير لحالة طوارئ أو مرحلة ما بعد خامنئي، مما يعزز فرضية أن إيران تستعد لمعركة طويلة الأمد، سياسية وعسكرية على حد سواء.
خلاصة المشهد: إيران تدخل مرحلة "الهجوم النوعي" وتغيّر قواعد الاشتباك
من الواضح أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قررت الانتقال من رد الفعل إلى الفعل المبادر، وأن استراتيجيتها لم تعد مقتصرة على "الردع السلبي" بل باتت تستند إلى قواعد اشتباك جديدة، قائمة على الضرب المسبق واستخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة لتوسيع الضغط على خصومها، إقليميًا ودوليًا.
وفي ظل استمرار التهديدات المتبادلة وتصاعد احتمالات المواجهة المباشرة، تبقى المنطقة أمام منعطف خطير، حيث أصبحت كل ضربة رسالة وكل صاروخ يحمل حسابات دقيقة تتجاوز الجغرافيا إلى مستقبل التوازنات الكبرى في الشرق الأوسط.