اختراق الدرع الواقي
كيف فجّرت إيران ثغرات القبة الحديدية وأربكت الدفاعات الإسرائيلية؟

لطالما روّجت إسرائيل لنظام "القبة الحديدية" باعتباره حصنها الجوي المنيع، القادر على التصدي لأي تهديد صاروخي من جبهات غزة أو جنوب لبنان أو حتى إيران- إلا أن الهجوم الإيراني الواسع النطاق في يونيو 2025 شكّل نقطة تحول حاسمة في النظرة لهذا النظام الدفاعي، بعد أن تمكنت طهران من اختراقه وتسجيل ضربات مباشرة داخل العمق الإسرائيلي وهو ما أثار تساؤلات جدية حول مدى فاعليته في مواجهة التهديدات المستقبلية.
الإغراق الكمي.. سلاح إيران الأول
في صميم الاستراتيجية الإيرانية جاء تكتيك "الإغراق الكمي"، وهو أسلوب يعتمد على إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة في وقتٍ متزامن ما يفوق قدرة القبة الحديدية المحدودة من حيث عدد الأهداف التي يمكنها التعامل معها في اللحظة نفسها. ووفقًا لمصادر عسكرية فإن بعض بطاريات القبة الحديدية تعرضت للإرهاق الكامل ما سمح لصواريخ باليستية ومسيّرات هجومية باختراق الدفاعات وضرب مواقع استراتيجية في تل أبيب وحيفا.
الثغرة الزمنية: لحظة إعادة التذخير
من بين أكثر النقاط التي استغلتها إيران بذكاء هي "فترة إعادة التذخير" وهي المدة الزمنية التي تحتاجها بطارية القبة الحديدية لإعادة تحميل الصواريخ الاعتراضية بعد استخدامها. ويبدو أن الجانب الإيراني قام بتحليل دقيق لطريقة عمل البطاريات ونقاط تموضعها وكيفية الأستفادة من ذلك لتحقيق اهداف الضربات مستغلًا هذه الفترات الزمنية الحرجة لإطلاق موجات إضافية من الهجوم تمكنت من إرباك الدفاعات ومنعتها من الاستجابة الفورية.
استنزاف اقتصادي ذكي.. عندما يقاتل السلاح الرخيص السلاح الغالي
لم يكن الهجوم الإيراني موجّهًا فقط نحو تحقيق نتائج ميدانية بل اتسم بذكاء اقتصادي. إذ لجأت طهران إلى استخدام صواريخ قديمة رخيصة الثمن في البداية لإجبار إسرائيل على استخدام صواريخ اعتراضية باهظة الثمن – تصل كلفة بعضها إلى 100 ألف دولار للصاروخ الواحد – في مواجهتها. هذه المعادلة المختلة أدت إلى استنزاف مالي فوري وساهمت في إضعاف القدرة الدفاعية الإسرائيلية على المدى الطويل.
تشويش إلكتروني ومسارات غير متوقعة
بالإضافة إلى التكتيكات الصاروخية يُعتقد أن إيران استعانت بأساليب متقدمة في التشويش الإلكتروني في محاولةً لتعطيل أنظمة الرادار والاتصالات الخاصة بالقبة الحديدية أو على الأقل إرباكها. كما اعتمدت على إطلاق مقذوفات بسرعات مختلفة، ومن زوايا ومسارات طيران غير تقليدية مما صعّب على الدفاعات تحديد أولويات الأهداف أو تمييز التهديدات الحقيقية من الخداعية.
انعكاسات استراتيجية وأمنية علي دولة الأحتلال
تكشف هذه التطورات المثيرة خلال العمليات التي قامت بها إيران - أن إسرائيل، رغم تفوقها التكنولوجي قد تواجه صعوبات غير متوقعة في الصراعات المستقبلية لا سيما أمام خصوم يستخدمون الذكاء والكم والتنوع كسلاح وليس القوة فقط. ويرى محللون أن نجاح إيران في توجيه ضربات دقيقة رغم منظومة الدفاع الجوي المتطورة، قد يدفع إسرائيل إلى إعادة النظر في سياساتها الدفاعية وربما تطوير نظام جديد للتغلب هلي بعض نقاط الضعف التي اكتشفت خلال الحرب مع إيران أكثر شمولًا وتكاملًا.