مابين الاسد الصاعد والوعد الصادق
نتنياهو يصطاد في الماء العكر ويطالب الأيرانين بالثورة وقت تساقط الصواريخ علي تل أبيب

في مشهد يختلط فيه الدخان بالصوت الدعائي، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الجمعة رسالة غير مسبوقة إلى الشعب الإيراني مباشرة، داعيًا إيّاه إلى الثورة على النظام الحاكم في طهران، مستغلًا اللحظة التي وصفها بـ"الأضعف" في تاريخ الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها قبل 45 عامًا.
"عملية الأسد الصاعد" ورسائل النور والثورة
نتنياهو، الذي تحدث باللغة الإنجليزية عبر تسجيل مصوَّر بُثّ على وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية، أعلن رسميًا عن انطلاق ما سمّاها "عملية الأسد الصاعد"، واصفًا إيّاها بأنها "واحدة من أعظم العمليات العسكرية في التاريخ"، وهدفها الرئيسي تحطيم القدرات النووية والصاروخية لإيران.
وقال نتنياهو في خطبتة للايرانين
"نظامكم الذي اضطهدكم لما يقرب من 50 عامًا يهدد بتدمير بلدنا. نحن لا نحاربكم أنتم، بل نحارب النظام الذي يُفقركم ويقمعكم. لقد قضينا خلال الـ24 ساعة الماضية على قادتهم، علمائهم، وأهم منشآتهم".
دعوة علنية للثورة: تحريض أم محاولة للفصل؟
في لهجة لم تخلُ من التحريض السياسي المباشر، حاول نتنياهو الفصل بين النظام والشعب الإيراني، مخاطبًا الإيرانيين بعبارات تحمل أبعادًا نفسية وتاريخية:
"هذه فرصتكم لتُسمعوا أصواتكم: المرأة، الحياة، الحرية... كما كانت صداقتنا في عهد كورش الكبير، فقد حان الوقت للشعب الإيراني أن يدافع عن حريته من هذا النظام القمعي يلتي ذلك في الوقت الذي يمارس فية نتنياهو كافة اساليب القتل للفلسطنيين في غزة والضفة وارتكاب ايشع الجرائم الأنسانية".
محللون رأوا في الخطاب محاولة دعائية مكشوفة لاستغلال الضربة العسكرية الإسرائيلية كفرصة داخلية لإحداث "شرخ" بين الشارع الإيراني والقيادة، بينما رأى آخرون أن الخطاب يعكس خشية إسرائيلية من تصعيد شعبي في الداخل الإيراني قد يتحول إلى رد فعل سياسي غير متوقع.
صواريخ إيرانية على تل أبيب: الرد يتكلم بلغة النار
وبينما كان نتنياهو يدعو الشعب الإيراني إلى الثورة، تساقطت الصواريخ الإيرانية على عمق إسرائيل، لتقطع عليه رسالته بالواقع الصادم:
-
أكثر من 200 صاروخ إيراني أُطلقوا على دفعتين.
-
9 مناطق إسرائيلية سُجّل فيها سقوط صواريخ، من بينها مبنى قريب من وزارة الدفاع في تل أبيب.
-
22 إصابة مؤكدة، بينها حالتان خطيرتان، وفقًا للقناة 12 الإسرائيلية.
فيما انتشرت مشاهد الدخان والنيران في قلب تل أبيب، وشوهدت الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية تعمل بكثافة لاعتراض الهجمات، بينما طُلب من السكان الالتزام بالبقاء داخل الملاجئ.
تحليل: نتنياهو يوجّه البوصلة إلى الداخل الإيراني لتخفيف الضغط على الجبهة الداخلية
الرسالة التي بثّها نتنياهو جاءت متزامنة مع أضخم رد صاروخي تشهده إسرائيل من إيران على الإطلاق، ما دفع مراقبين للتساؤل:
هل يحاول نتنياهو صرف أنظار الشارع الإسرائيلي الغاضب من فشل الدفاعات الجوية، بتوجيه خطابه إلى "شعب بعيد"؟
في المقابل، لا يمكن تجاهل الرسالة من منظور استراتيجي، فهي تعكس نقل المعركة إلى بُعد نفسي وتاريخي، على أمل إحداث تآكل داخلي في النظام الإيراني.
"الأسد الصاعد" و"الوعد الصادق"… من يُمسك بزمام المبادرة؟
الرد الإيراني أتى قويًا ومباشرًا، فيما يحاول نتنياهو تحريك ورقة "الثورة الشعبية" في إيران. لكن الحقيقة على الأرض أن تل أبيب اشتعلت بالدخان، وأن الخسائر بدأت تتضح تدريجيًا.
وهنا يطرح السؤال الأهم:
هل سيُسجَّل خطاب نتنياهو هذا كتاريخ لانتصار دعائي، أم كوثيقة سياسية لكشف ضعف الردع الإسرائيلي في زمن تتغير فيه خرائط النفوذ بالنار والصواريخ؟