مصر آمنة زلزالياً.. تقرير رسمي يكشف موقعها الجيولوجي وشبكة الرصد المتطورة

في ظل المخاوف المتزايدة إقليميًا وعالميًا من تصاعد النشاط الزلزالي في بعض المناطق، أصدر المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر تقريرًا تفصيليًا يؤكد فيه أن البلاد تُعد من أقل الدول عرضة للزلازل المدمرة على مستوى العالم، نظرًا لموقعها الجيولوجي البعيد عن الأحزمة الزلزالية النشطة.
موقع جغرافي خارج نطاق الخطر
وأوضح التقرير أن مصر لا تقع على حزام زلزالي نشط، مثل حزام النار في المحيط الهادئ أو صدع سان أندرياس في كاليفورنيا، وهي من أكثر مناطق العالم نشاطًا زلزاليًا. وبالتالي، فإن احتمالات التعرض لزلازل كارثية في الأراضي المصرية منخفضة جدًا، على عكس ما قد يظنه البعض في فترات تسجيل هزات أرضية خفيفة يشعر بها سكان بعض المناطق.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن مصر قريبة نسبيًا من مناطق ذات نشاط زلزالي متوسط مثل منطقة خليج العقبة، والجزء الجنوبي من البحر الأحمر، وهما من المناطق التي تشهد أحيانًا هزات متوسطة القوة يمكن أن تؤثر جزئيًا على بعض المدن الساحلية أو القريبة من الحدود الجيولوجية لهذه المناطق.
شبكة رصد زلزالي تغطي أنحاء الجمهورية
وأبرز التقرير أن مصر تمتلك شبكة قومية متقدمة لرصد الزلازل تُعد من بين الأحدث والأكثر تطورًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتضم هذه الشبكة عشرات المحطات الزلزالية المنتشرة في مواقع مدروسة جغرافيًا لتغطي كامل الأراضي المصرية وتوفر قراءات آنية تساعد على تحليل النشاط الأرضي بدقة عالية.
وقد مكّنت هذه الشبكة المتطورة الجهات البحثية من توثيق النشاط الزلزالي في مصر على مدى أكثر من 5 آلاف عام، وهو ما يمنح العلماء فرصة فريدة لفهم الأنماط التاريخية للنشاط الزلزالي وتحديد المناطق التي قد تشهد هزات في المستقبل.
لماذا لا يمكن التنبؤ بالزلازل حتى الآن؟
رغم التقدم الكبير في تقنيات الرصد والتحليل، أكد التقرير أن التنبؤ الدقيق بموعد ومكان وقوة الزلازل ما زال خارج نطاق القدرة العلمية الحالية، وذلك بسبب الطبيعة المعقدة للظواهر الجيولوجية المرتبطة بالحركات التكتونية.
ويعتمد الباحثون في تحليلهم على عدد من المؤشرات العلمية مثل:
-
تحليل سجل الزلازل التاريخية في كل منطقة
-
رصد النشاط الزلزالي الخفيف (الهزات الصغيرة)
-
دراسة حركة الصفائح التكتونية على حدود القارات
-
استخدام نماذج رياضية لمحاكاة احتمالات الزلازل
-
جمع وتحليل بيانات جيوفيزيائية متقدمة
لكن رغم كل هذه الأدوات، لم تُطور البشرية حتى اليوم نظامًا يمكنه تحديد توقيت الزلزال بدقة قبل وقوعه.
جاهزية مجتمعية.. الحل العملي أمام الزلازل
في ضوء هذه الحقائق، شدد تقرير المعهد القومي للبحوث الفلكية على ضرورة التركيز على الجاهزية المجتمعية والبنية التحتية المقاومة للزلازل، مؤكدًا أن الوقاية والتخطيط السليم هما السبيل الأفضل لتقليل أي خسائر محتملة.
وأشار التقرير إلى أن أهم الإجراءات التي يجب دعمها تشمل
-
تعزيز المعايير الهندسية في البناء لتشمل مقاومة الزلازل، خاصة في المباني الحكومية والمنشآت الحيوية.
-
نشر التوعية بين المواطنين حول كيفية التصرف عند حدوث هزات أرضية.
-
تحديث خطط الطوارئ والإخلاء في المدارس والمصانع والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
-
إجراء تدريبات دورية للمؤسسات والأفراد لرفع الكفاءة في مواجهة الكوارث الطبيعية.
مصر في وضع مطمئن.. ولكن لا مكان للاستهانة
رغم تأكيد المعهد على أن مصر في وضع زلزالي آمن مقارنة بدول أخرى، فإن التقرير يوصي بعدم التهاون، مشيرًا إلى أن أي نشاط جيولوجي ولو كان ضعيفًا قد يترك أثرًا في حال عدم الجاهزية.
ويختم التقرير برسالة طمأنة واضحة، مفادها أن مصر خارج نطاق الخطر الزلزالي العالمي، لكنها ملتزمة علميًا وتقنيًا بالبقاء على أعلى درجات التأهب والمتابعة الدقيقة للنشاط الأرضي، بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات من أي هزات طارئة.