إيطاليا تستجيب لمناشدة إنسانية: محاولة إنقاذ الطفل الفلسطيني ”آدم النجار” الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية

في وقتٍ يختلط فيه الأنين بصوت الانفجارات، والدم بالرماد، ووسط قصفٍ لا يرحم في قطاع غزة، نجت روح صغيرة من بين أنقاض بيتٍ مدمر... لكنها لم تخرج سالمة. الطفل الفلسطيني آدم النجار، البالغ من العمر 11 عامًا، أصبح الناجي الوحيد من بين أشقائه التسعة الذين لقوا حتفهم في غارة إسرائيلية استهدفت منزل عائلته بتاريخ 25 مايو/أيار.
ورغم أنه نجا، إلا أن جسده الصغير تحطّم بنيران الحرب؛ حروق وجروح بالرأس وكسر في اليد وعجز تام عن الحركة. يرقد آدم اليوم في حالة حرجة بمستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب القطاع، أحد آخر المرافق الطبية التي لا تزال تقدم الحد الأدنى من الخدمات وسط كارثة إنسانية شاملة.
النداء الذي اخترق جدران العجز:
في ظل انهيار البنية الصحية في غزة، أطلق عم الطفل، علي النجار، صرخة استغاثة عبر صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية، ناشد فيها الحكومة الإيطالية لإنقاذ حياة آدم:
"يجب نقله فورًا إلى مستشفى حقيقي خارج غزة. أناشد الحكومة الإيطالية أن تتحرك... فلينقذه الإيطاليون".
وفي استجابة تحمل بصيص أمل، أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية، يوم الخميس، أنها مستعدة لنقل الطفل إلى مستشفى في إيطاليا لتلقي العلاج اللازم، مشيرة إلى أنها تدرس الآن مدى إمكانية تنفيذ العملية في ظل تعقيدات الوضع الأمني.
قصة بيتٍ احترق.. وأسرة طبية لم تُنجِ أبناءها:
آدم هو ابن طبيبين فلسطينيين؛ والده حمدي النجار، الذي كان في المنزل لحظة الغارة وأصيب بجروح خطيرة، يتلقى العلاج حاليًا في نفس المستشفى، ووالدته آلاء، تعمل هناك بين أنين المرضى والمصابين، لكنها لا تجد القدرة على إنقاذ ابنها أو حتى تخفيف ألمه.
لم يكن آدم مجرد طفل... بل عنوانًا لمأساة أُسرة أُبيدت في لحظة، ولواقع نظام صحي منهار تمامًا لا يملك معدات حروق متقدمة، ولا أطباء متخصصين في جراحات الأعصاب الدقيقة، ولا حتى كهرباء ثابتة.
غزة تختنق... والعالم يسمع متأخرًا:
ليست هذه المرة الأولى التي ينهار فيها النظام الصحي تحت نيران الحرب، لكنها المرة التي وصل فيها الألم إلى وجدان العالم الغربي من خلال صورة آدم، ودعوة عمّه، وتحرك حكومة أجنبية تستجيب قبل أن ينطفئ الأمل.
في الوقت الذي يتواصل فيه القصف الإسرائيلي على أحياء مدنية، تبدو الاستجابة الإيطالية نادرة ونبيلة، لكنها لا تكفي وحدها لإنقاذ مئات "الآدم" الآخرين الذين لم تصل صورهم إلى العواصم الأوروبية، ولم يسمع أنينهم أحد.
هل يصل آدم إلى برّ الأمان؟
الإجراءات ما تزال قيد الدراسة، والجهود الإنسانية تتسابق مع الزمن. لا يُعرف بعد ما إذا كان سيتم نقل الطفل خلال الساعات المقبلة، أو ما إذا كانت المعابر ستفتح لنقله، أو إن كانت هناك مستشفيات في روما أو ميلانو جاهزة لاستقباله في ظل الحرب.
لكن المؤكد أن صرخته وصلت، وصورة جسده المحروق هزّت إنسانية الكثيرين. آدم لا يطلب معجزة، فقط فرصة للحياة.
آدم النجار رمز لطفولة ممزقة تحت الأنقاض
آدم النجار لم يعد مجرد اسم، بل رمز لطفولة ممزقة تحت الأنقاض.
هو شهادة حية على فظاعة الحرب، وعلى صمت العالم...
لكن وسط هذا الصمت، هناك من قال "نعم"... وهناك من تحرك.
فهل يتكرر هذا النموذج الإنساني؟
وهل يجد أطفال غزة من يتسابق لإنقاذهم قبل أن يفوت الأوان؟
الوقت ينفد... والوجع لا ينتظر.