منظومة المساعدات الجديدة في غزة: بين الجوع والأمل والاتهامات

بدأت منظومة جديدة مدعومة من الولايات المتحدة، وبتأييد إسرائيلي، في محاولة لتوزيع المساعدات على السكان المتضررين، وسط مشاهد من الفوضى والازدحام ومخاوف من تفشي العنف.
المنظومة التي تديرها مؤسسة "غزة الإنسانية"، بدأت عملها عبر مركزين للتوزيع منذ الثلاثاء الماضي، في وقت يشتد فيه الجوع وغياب أبسط مقومات الحياة عن السكان، خاصة في جنوب قطاع غزة. وقد أدى الازدحام الكبير إلى اندفاع آلاف الفلسطينيين نحو الأسوار، مما أجبر عناصر الأمن المتعاقد معهم على التراجع وسط مشاهد وصفت بالصاخبة.
أربعة مراكز تعمل.. واتهامات دولية بالتقصير
أعلن مسؤول عسكري إسرائيلي أن هناك أربعة مواقع تعمل حاليًا لتوزيع المساعدات، ثلاثة منها في رفح وواحد في منطقة نتساريم وسط القطاع. لكن مؤسسة غزة الإنسانية لم تؤكد بعد ما إذا كانت توزع المساعدات فعليًا في نتساريم، فيما لا تزال التقارير من الميدان تشير إلى صعوبة الوصول إلى المناطق المحاصرة، لا سيما في شمال القطاع.
ورغم انطلاق المنظومة، واجهت انتقادات شديدة من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أخرى، التي اعتبرت أن النظام الجديد غير كافٍ ويشوبه العديد من العيوب، بل وصفه البعض بأنه "استجابة جزئية لا ترقى لحجم الكارثة".
الفلسطينيون يتدافعون من أجل رغيف خبز
من جانبهم، أعرب العديد من الفلسطينيين عن تشكيكهم في مصداقية وفاعلية هذه المنظومة، لكن الحاجة والجوع دفعاهم إلى الوقوف في طوابير طويلة أمام مراكز التوزيع.
وسام خضر، أب لطفل في الثالثة من عمره، أكد في تصريح لـ"رويترز" أنه يذهب منذ الثلاثاء يوميًا إلى مركز توزيع في رفح، ورغم ذلك لم يحصل سوى على عبوة غذائية تحتوي على القليل من الدقيق والسردين والملح والمربى والبسكويت والمعكرونة.
ويضيف بحرقة: "رحت بسبب الجوع... إلنا أسابيع من دون طحين ولا أكل في الخيمة، وابني كل يوم يصحى يطلب أكل، وأنا مش قادر أجيبه له".
ويتابع: "مافيش أي إجراءات لفحص الهوية، ولا شفت بوابات إلكترونية ولا أجهزة تصوير... الناس اندهست تحت الأرجل".
شمال غزة بلا مساعدات
في المقابل، تعيش المناطق الشمالية من القطاع واقعًا أكثر قسوة وعزلة، إذ لا تصلها المساعدات بسبب القيود الأمنية وصعوبة التحرك.
غادة زكي، أم لسبعة أطفال من مدينة غزة، أكدت أنها لا ترى أي شاحنات تصل، مضيفة: "بنسمع بس عن الفيديوهات، بس ما شفنا شي عالأرض".
انتقادات لحماس ودور إسرائيلي مثير للجدل
أصدرت حركة حماس تحذيرات للسكان من التعامل مع هذه المنظومة، التي تعتبرها محاولة لخلق بديل عن المنظمات الأممية وتقويض دورها، بينما تتهم منظمات الإغاثة الحكومة الإسرائيلية بأنها تسعى إلى التحكم الكامل في عملية توزيع المساعدات بما يخدم أجندتها السياسية.
ورغم كل ذلك، تقول المؤسسة المنظمة إنها توقعت ردود الفعل الفوضوية نظرًا لحالة الجوع والانهيار المجتمعي، مع تأكيدها أن الهدف إنساني بحت.
أزمة إنسانية بلا حل
يبقى الواقع في غزة قاتمًا ومفتوحًا على جميع الاحتمالات، فالمعاناة مستمرة، والمساعدات لا تصل إلى الجميع، والمشهد يزداد تعقيدًا وسط تهم متبادلة بين المنظمات والحكومات، في وقت لا يجد فيه الأب لابنه ما يسد رمقه.
ومع مرور الأيام، تتزايد النداءات العاجلة من المنظمات الدولية لإنهاء الحصار، وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى كل المناطق دون تمييز، قبل أن تتحول أزمة الجوع إلى كارثة إنسانية شاملة لا يمكن احتواؤها.