في مواجهة شبح الحرب العالمية الثالثة
اليابان ودول العالم تتسابق لبناء ملاجئ نووية متطورة تخوفا من حرب عالمية

تعتبر فكرة اندلاع حرب عالمية ثالثة هاجسًا ثقيلًا يطارد الأفراد والحكومات على حد سواء، خصوصًا في عالم تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية وتزداد احتمالات المواجهات العسكرية بين القوى الكبرى. ومع اتساع رقعة الأزمات العالمية، وامتلاك العديد من الدول أسلحة نووية، بات من الضروري التفكير في حلول دفاعية غير تقليدية تضمن الحد الأدنى من فرص البقاء، وفي مقدمتها بناء الملاجئ المحصنة تحت الأرض.
من تدابير الحرب الباردة إلى استعدادات القرن الحادي والعشرين
وفقًا لتقرير قامت بنشرة صحيفة "إكسبريس" البريطانية، لم يعد إنشاء الملاجئ مقتصرًا على ذكريات الحرب الباردة، بل أصبح ضرورة أمنية ملحة، لا سيما في دول مثل اليابان، فنلندا، سويسرا، السويد، والنرويج، التي بدأت بالفعل بتحديث أو بناء ملاجئها استعدادًا لأي طارئ قد يحدث مستقبلا .
وجاءت فنلندا في طليعة الدول الأكثر جاهزية، إذ تمتلك أكثر من 50 ألف ملجأ محصن تحت الأرض، تكفي لحماية كامل سكانها من أي هجوم محتمل. أما اليابان، فقد قررت مؤخرًا الدخول بقوة على هذا المسار، عبر خطط مضاعفة عدد ملاجئها المحصنة ضد الصواريخ والهجمات النووية، في ظل تصاعد التهديدات من كوريا الشمالية وتنامي النفوذ الصيني في محيط تايوان والجزر الجنوبية الغربية.
اليابان تكسر صمتها الدفاعي
بعد عقود من الالتزام بدستور ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي كان يحد من تطوير قدرات اليابان العسكرية، دفعت التطورات الإقليمية الأخيرة طوكيو إلى إعادة النظر في استراتيجياتها. وتستعد الحكومة لبناء ملاجئ حديثة تحت الأرض، مصممة لتحمل الانفجارات النووية والصاروخية، باستخدام جدران سميكة من الخرسانة المسلحة بالصلب.
ووفق البيانات الرسمية، تمتلك اليابان حاليًا أكثر من 100 ألف مرفق إخلاء، إلا أن 95% منها عبارة عن مساحات مفتوحة مثل الملاعب، ولا توفر حماية حقيقية. بينما لا يتجاوز عدد الملاجئ الأرضية المقاومة للهجمات النووية 3336 ملجأ فقط، معظمها تابع للقطاع الخاص، ولا يمكنها استيعاب أكثر من 0.02% من سكان الدولة اليابانية .
نحو بنية تحتية دفاعية متكاملة
تشمل الخطط اليابانية بناء ملاجئ مجهزة بـ:
-
مؤن غذائية تكفي لأسبوعين
-
نظم طاقة بديلة واتصالات داخلية
-
أنظمة تهوية متطورة
-
تصميمات تكفل الراحة والبقاء الآمن
كما تعتزم السلطات تحويل بعض مخازن الطوارئ في شبكة مترو الأنفاق إلى ملاجئ نووية، خاصة في مناطق التماس الجغرافي مع بؤر التوتر.
"ملاجئ يوم القيامة".. رفاهية البقاء
إلى جانب الحكومات، دخل الأفراد والأثرياء خط السباق في بناء ما يُعرف بـ"ملاجئ يوم القيامة"، وهي منشآت فاخرة تحت الأرض، مجهزة بكل وسائل الراحة والرفاهية، من شاشات سينما إلى مطاعم، ويمكن العيش فيها لأكثر من عام دون الحاجة للخروج.
أوروبا.. عودة لخطط الدفاع القديمة
في الوقت نفسة أعادت النرويج تفعيل ملاجئها من زمن الحرب الباردة، وحدثتها تقنيًا، بينما فتحت السويد قاعدة "موسكا" البحرية تحت الأرض بعد سنوات من الإغلاق. أما سويسرا، فتبقى الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك ملاجئ نووية تكفي جميع مواطنيها، وتعمل حاليًا على تحديثها بالكامل.
حرب غير مُعلنة.. واستعداد معلن
قد لا تندلع الحرب العالمية الثالثة فعليًا، لكن المؤكد أن الاستعداد لها بدأ، وتحولت الملاجئ تحت الأرض من خيار هامشي إلى استراتيجية دفاعية مركزية. وبينما تنفق الدول المليارات لتأمين شعوبها، يبقى السؤال: هل نحن على أعتاب نهاية حقبة السلام النسبي؟ أم أن هذه التحضيرات ستنجح في ردع الخطر قبل أن يقع؟