البابا الجديد في أنتظار الدخان الأبيض
الدخان الأسود يعلو من كنيسة سيستين.. هكذا تُختار الباباوات في الفاتيكان عبر طقوس سرية عمرها قرون

شهدت كنيسة سيستين في قلب مدينة الفاتيكان، مساء الأربعاء، لحظة حاسمة ومهيبة مع تصاعد الدخان الأسود من المدخنة التاريخية، إيذانًا بأن الاقتراع الأول للكرادلة لاختيار البابا الجديد لم يُسفر عن نتيجة حاسمة.
وتجمع آلاف المؤمنين والسياح في ساحة القديس بطرس، مترقبين النتيجة التي تعلن بلون الدخان المتصاعد، وهو تقليد كاثوليكي عريق يعود تاريخه إلى قرون، يتم من خلاله إبلاغ العالم بما إذا تم انتخاب الحبر الأعظم الجديد، الزعيم الروحي لأكثر من 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم.
ما معنى تصاعد الدخان الأسود من الفاتيكان؟
بحسب الطقوس الكنسية الراسخة، يعتمد الكرادلة المشاركون في "الكونكلاف" – وهو الاجتماع المغلق لانتخاب بابا جديد – على لون الدخان المتصاعد من مدخنة كنيسة سيستين كوسيلة للإعلان عن نتائج التصويت:
-
الدخان الأسود يعني أن التصويت لم يسفر عن انتخاب بابا جديد.
-
الدخان الأبيض يتصاعد عندما يتم انتخاب البابا، وتُقرع أجراس الفاتيكان فورًا لإعلان النبأ السعيد.
وقد أصبح هذا المشهد جزءًا لا يتجزأ من الطقوس الإعلامية والدينية التي تواكب عملية انتخاب رأس الكنيسة الكاثوليكية.
بداية الكونكلاف.. عزلة مطلقة وطقوس صارمة
صباح الأربعاء، دخل 133 كاردينالًا من أنحاء العالم إلى كنيسة سيستين، حيث أُغلقت الأبواب الخشبية الثقيلة خلفهم، معلنة بدء المجمع السري لاختيار خليفة للبابا فرنسيس، الذي وافته المنية الشهر الماضي.
وقبل بدء التصويت، أدى الكرادلة القسم الكنسي المقدس أمام جدارية "يوم الحساب" للفنان مايكل أنجلو، متعهدين بالحفاظ على سرية الإجراءات وعدم التأثر بأي جهة خارجية.
العبارة التاريخية "إكستراآمِنِس!".. البداية الرسمية للاقتراع
في لحظة رسمية تقليدية، صدح صوت رئيس المراسم في الفاتيكان، رئيس الأساقفة دييجو رافائيلي، معلنًا باللاتينية:
"Extra omnes!"
أي "اخرجوا جميعًا!"، وهي العبارة التي تعلن خروج جميع غير المعنيين بالمجمع، وبدء أول اقتراع رسمي داخل الفاتيكان.
تُحرق أوراق التصويت في فرن خاص يُعدّ داخل الكنيسة، ويتم خلطها بمواد كيميائية لإنتاج الدخان، ليُرى من بعيد في ساحة القديس بطرس، ويصبح وسيلة العالم الأولى لمعرفة ما إذا تم اختيار البابا أم لا.
هل يتم حسم التصويت من الجولة الأولى؟ نادرًا جدًا
تاريخيًا، نادراً ما يُحسم انتخاب البابا من أول اقتراع، ويُتوقع أن تستمر الجولات التصويتية لعدة أيام. ويُشترط فوز المرشح بـ ثلثي أصوات الكرادلة ليُنتخب رسميًا.
وتُجرى حتى أربع جولات اقتراع يوميًا (صباحًا ومساءً)، حتى يتم التوافق على الشخصية التي ستقود الكنيسة في عصرها الجديد.
البابا رقم 267 في انتظار الدخان الأبيض
مع فشل الاقتراع الأول، تستمر حالة الترقب داخل الفاتيكان وخارجه، في انتظار الدخان الأبيض الذي سيعلن عن ميلاد البابا رقم 267 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.
هذا الحدث لا يحدد فقط من يتولى قيادة الكنيسة، بل يرسم ملامح المرحلة الروحية والسياسية القادمة داخل الفاتيكان والعالم الكاثوليكي بأسره.