بموافقة أمريكية لدولة قطر
تمويل قطري لرواتب موظفي سوريا.. انفراجة مالية للحكومة الجديدة بعد سنوات من العقوبات !!

كشفت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن الولايات المتحدة منحت قطر الضوء الأخضر لتمويل رواتب القطاع العام السوري، في خطوة تمثل انفراجة حيوية لحكومة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وسط تحديات إعادة بناء دولة أنهكها الصراع وعقود من الانهيار المؤسسي.
وتُعد هذه المبادرة هي الأولى من نوعها منذ فرض واشنطن عقوبات صارمة على النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، حيث كانت قطر تتحفظ على تقديم أي دعم مباشر دون الحصول على موافقة أمريكية رسمية.
خلفية القرار: عقوبات خانقة وتركة اقتصادية منهكة
عانى الاقتصاد السوري طيلة 14 عامًا من الصراع، إضافة إلى عقود من الفساد والمحسوبية في عهد النظام السابق، ما أدى إلى انهيار تام في المؤسسات العامة وتضاؤل رواتب الموظفين المدنيين، الذين باتوا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية.
وكانت العقوبات الأمريكية المفروضة بموجب قانون "قيصر" تشكل حاجزًا أمام أي مبادرات تمويل دولية للحكومة السورية، حيث يتم تجميد الأصول ومنع التحويلات المالية الرسمية.
الموافقة الأمريكية: تخفيف محدود للعقوبات؟
وفقًا لما نقلته رويترز عن شخصين مطلعين على التفاصيل، فإن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) سيصدر قريبًا خطاب إعفاء رسمي يوضح أن المبادرة القطرية لا تنتهك نظام العقوبات الحالي، مما يسمح بتحويل الأموال ودفع الرواتب للعاملين في القطاع العام.
وتعد هذه الخطوة مؤشرًا على مرونة أمريكية نسبية تجاه الحكومة الجديدة في سوريا بقيادة أحمد الشرع، الذي يحظى بدعم قطري وإقليمي متزايد، وسط محاولات دولية لإنعاش الاقتصاد السوري دون دعم مباشر للنظام السابق أو أي أطراف مصنفة إرهابية.
قطر في الواجهة.. دعم مشروط وتجديد النفوذ
تتموضع قطر اليوم كواحدة من أبرز القوى الإقليمية الداعمة للتحول السياسي في سوريا، وتحرص على ترسيخ نفوذها عبر دعم فني واقتصادي للحكومة الجديدة، شريطة وجود مظلة أمريكية تجنبها الاصطدام بالقوانين الدولية.
وكانت الدوحة قد ربطت مرارًا دعمها المالي بوجود آلية رقابة وشفافية تمنع إساءة استخدام الأموال، لا سيما أن المرحلة المقبلة تتطلب بناء مؤسسات خدمية من الصفر، ودفع مستحقات متأخرة للموظفين الحكوميين.
رسائل إقليمية: تمويل محدود بدلًا من الانهيار الكامل
ويرى محللون أن الموافقة الأمريكية على تمويل الرواتب لا تعني بالضرورة رفع العقوبات عن سوريا أو اعترافًا كاملاً بالحكومة الجديدة، بل تعكس مقاربة أمريكية براغماتية لتجنب الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة السورية، الذي قد يخلق فراغًا أمنيًا تستفيد منه تنظيمات متطرفة.
كما أن هذه الخطوة ترسل رسالة مزدوجة للحلفاء الإقليميين بأن واشنطن لا تمانع دعمًا ماليًا مشروطًا ومحدودًا يخدم الاستقرار، دون أن يشمل أي شراكة مع جهات خاضعة للعقوبات مثل النظام السابق أو المجموعات المسلحة المحظورة.
هل تكون هذه بداية رفع تدريجي للعقوبات؟
رغم أن المبادرة القطرية تستهدف فقط تمويل الرواتب داخل مؤسسات الدولة السورية، إلا أن بعض المراقبين يعتبرونها اختبارًا أوليًا لسياسة أمريكية جديدة أكثر مرونة تجاه دمشق، في حال استمر المسار السياسي الحالي بقيادة حكومة مدنية انتقالية.
وبينما تترقب الأطراف المعنية صدور خطاب الإعفاء الرسمي من وزارة الخزانة الأمريكية، تتجه الأنظار إلى ردود فعل أوروبية وعربية قد تفتح الباب أمام مبادرات دعم تنموية إضافية، إذا تم التأكد من وجود بيئة آمنة وشفافة في إدارة المال العام داخل سوريا الجديدة.