تصعيد دبلوماسي سوداني
السودان يعلن قطع العلاقات مع الإمارات ويتهمها بـ”العدوان”.. بسبب دعم ”الدعم السريع”

أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني يوم الثلاثاء، 6 مايو/أيار 2025، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، متهمًا إياها بدعم وتمويل قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تخوض قتالًا شرسًا ضد الجيش السوداني.
وقال المجلس في بيان رسمي إنه قرر اعتبار الإمارات "دولة عدوان"، متهمًا إياها بـ"تزويد الدعم السريع بأسلحة استراتيجية متطورة" مكنتها من تنفيذ ضربات مدمرة استهدفت مدينة بورتسودان، التي تُعد القاعدة الرئيسية للحكومة السودانية المؤقتة، بعد سقوط الخرطوم في يد قوات الدعم السريع قبل أكثر من عام.
اتهامات مباشرة لأبوظبي بتغذية الحرب
وأكد مجلس الأمن والدفاع السوداني أن الضربات التي بدأت منذ الأحد الماضي واستهدفت منشآت حيوية في بورتسودان، مثل محطة الكهرباء والمستودعات النفطية، لم تكن لتحدث لولا الدعم العسكري الإماراتي لقوات الدعم السريع، وهو ما وصفه بـ"عدوان خارجي يستهدف وحدة السودان وسيادته".
وذكر البيان أن السودان يحتفظ بحقه الكامل في الرد على هذا العدوان بجميع الوسائل المشروعة، بما في ذلك الدفاع عن النفس إقليميًا ودوليًا، مشددًا على أن القرار يهدف أيضًا إلى حماية المدنيين وتأمين استمرار تدفق المساعدات الإنسانية في ظل الأوضاع الكارثية التي تعيشها البلاد.
الإمارات تنفي مرارًا والخرطوم تصعّد رسميًا
على الجانب الآخر، نفت الإمارات مرارًا الاتهامات السودانية، مؤكدة التزامها بالحياد ودعم جهود الوساطة الإقليمية والدولية لإنهاء النزاع السوداني. وشاركت أبوظبي بالفعل في جولات تفاوض سابقة استضافتها السعودية، برعاية أمريكية، إلا أن الخرطوم ترى في مشاركتها غطاءً دبلوماسيًا لتدخلها الفعلي في الميدان، وفق تعبير المسؤولين السودانيين.
وتقول الحكومة السودانية إن بحوزتها أدلة استخباراتية وشهادات دولية تدين أبوظبي بتوريد أسلحة متقدمة، تم استخدامها في شن الهجمات الأخيرة، أبرزها هجوم بطائرات مسيّرة وصواريخ على منشآت في بورتسودان.
محكمة العدل الدولية ترفض النظر في دعوى السودان لعدم الأختصاص
وفي تطور قانوني موازٍ، أعلنت محكمة العدل الدولية يوم الاثنين أن دعوى السودان ضد الإمارات لا تقع ضمن اختصاصها، وذلك بعدما اتهم السودان أبوظبي بـ"انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية" من خلال دعمها لقوات الدعم السريع في إقليم دارفور، حيث يُتهم قادة "الدعم السريع" بارتكاب مجازر واسعة النطاق بحق المدنيين.
وكان السودان قد قدم الملف في أبريل الماضي بدعم من منظمات حقوقية وشهادات ميدانية، فيما ردّت الإمارات بأن الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا تستند إلى أدلة قانونية معتبرة.
دلالات سياسية ودبلوماسية خطيرة
يمثّل قرار قطع العلاقات بين السودان والإمارات تحولًا كبيرًا في خارطة التحالفات الإقليمية، ويعكس تدهورًا غير مسبوق في العلاقات بين بلدين عربيين لطالما كان بينهما تعاون اقتصادي وأمني خلال السنوات الماضية.
ويرى مراقبون أن هذا القرار قد يؤدي إلى:
-
توسيع رقعة الصراع الإقليمي في القرن الإفريقي والبحر الأحمر
-
تعطيل جهود الوساطة الدولية التي تقودها السعودية والولايات المتحدة
-
إعادة رسم التحالفات داخل السودان بين الأطراف المتحاربة
-
مخاوف من تحركات انتقامية أو تصعيد سياسي واقتصادي متبادل
من أزمة داخلية إلى صراع إقليمي مفتوح
في ظل استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والانقسامات الدولية حول الدعم والتسليح، يدخل السودان فصلًا جديدًا من أزمته، بعد أن تحوّل من صراع داخلي إلى مواجهة دبلوماسية إقليمية علنية، مع دولة بحجم ونفوذ الإمارات.
تبقى الأسئلة مطروحة حول مدى جدية الخرطوم في تنفيذ إجراءات الرد، وما إذا كانت أطراف دولية ستتدخل للتهدئة، أم أن المنطقة مقبلة على تصعيد جديد قد يعمّق من جراح السودان المنهك.