تحرك نيابي لتعديله وإنهاء العقود التاريخية
من الزمالك إلى الأسمرات.. الجدل يتجدد حول قانون الإيجار القديم في مصر

بدأ مجلس النواب المصري مناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم، الذي يعود لأكثر من 100 عام، وسط انقسام حاد بين الملاك والمستأجرين، وتخوفات اجتماعية من تداعيات تطبيق التعديلات على ملايين الأسر.
مشروع قانون جديد.. 5 سنوات قبل إنهاء العقود
وفقًا للتعديلات المقترحة، فإن العقود الخاضعة لقانون الإيجار القديم ستنتهي بعد خمس سنوات من تطبيق القانون، مع تعديل القيمة الإيجارية الحالية بشكل تدريجي وزيادتها سنويًا، بما يتماشى مع متغيرات السوق العقاري، بدلًا من القيم الزهيدة التي ظلت سارية لعقود، والتي لا تزال في بعض الحالات لا تتعدى جنيهات قليلة شهريًا.
نواب البرلمان: لا للإقصاء.. نعم للتوازن
في جلسة المناقشة، أكد النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، أن الهدف ليس "طرد كبار السن" أو إخراج سكان المناطق العريقة مثل الزمالك والمهندسين، واستبدالها بمناطق جديدة مثل الأسمرات، موضحًا أن الحل يكمن في معالجة شاملة تحفظ حقوق الجميع.
وقال السجيني:
"لا يمكن إخراج أشخاص عاشوا في منازلهم لعقود فقط لأن القانون تغير. الأسمرات مكان محترم، لكن من عاش حياته في الزمالك لن يكون من السهل عليه التكيف فجأة".
وزير الإسكان: لا إخلاء بدون بديل آمن
من جانبه، شدد وزير الإسكان شريف الشربيني، على أن الدولة المصرية تتعامل مع هذا الملف بـ"منظور متوازن"، يراعي العدالة القانونية والبعد الإنساني، مؤكدًا أن القانون الجديد لا يهدف إلى الإقصاء أو الهدم، وإنما يسعى لإصلاح تشريعي مسؤول.
وأضاف:
"لن يتم إخلاء أي وحدة إلا بعد توفير بديل كريم للمواطن. نراعي الأسر المقيمة منذ عشرات السنين ونحترم حقهم في السكن الآمن".
وأوضح الوزير أن الحكومة تعمل على برنامج زمني لتوفير وحدات سكنية بديلة، ضمن خطة تدريجية لتطبيق القانون، تضمن عدم تشريد المواطنين أو الإضرار بحقوق الملاك.
المحكمة الدستورية: القانون الحالي غير دستوري
التحرك النيابي والحكومي جاء تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2024، الذي قضى بعدم دستورية بعض مواد القانون الحالي، وألزم الجهات المعنية بوضع قانون جديد يراعي التوازن في العلاقة الإيجارية، ويمنح مهلة زمنية كافية لإعادة ترتيب الأوضاع.
وقال المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية، إن الحكم "ألزم الجميع"، مضيفًا أن الحكومة "لا تنحاز للملاك أو المستأجرين، بل تحاول رفع الظلم عن الطرفين".
واقع متأزم: ملايين الشقق مغلقة وسوق راكد
يُعد قانون الإيجار القديم أحد أكثر التشريعات تأثيرًا على السوق العقاري المصري، حيث تشير التقديرات إلى وجود ملايين الوحدات السكنية المغلقة بسبب تدني القيمة الإيجارية، مما أدى إلى ركود في سوق الإيجارات وتضرر شريحة واسعة من الملاك الذين لا يجنون عائدًا مناسبًا من عقاراتهم.
في المقابل، يخشى المستأجرون من أن تؤدي التعديلات إلى تشريدهم وفقدان استقرارهم السكني، خصوصًا كبار السن والشرائح محدودة الدخل، الذين يعتمدون على هذه الوحدات في معيشتهم.
معالجة تراكمات تاريخية وخلق توازن واقعي بين المالك والمستأجر
تسعى الدولة المصرية من خلال القانون الجديد إلى معالجة تراكمات تاريخية وخلق توازن واقعي بين المالك والمستأجر، لكنها تقف أمام تحدي اجتماعي حساس يتطلب تدرجًا حكيمًا وبدائل واضحة.
فهل ينجح البرلمان والحكومة في إعادة صياغة العلاقة الإيجارية بما يرضي الجميع؟ الأيام القادمة ستحدد مسار أحد أكثر الملفات القانونية والإنسانية جدلًا في مصر.