مأساة ”ياسين”.. حينما تُغتال البراءة داخل أسوار المدارس

في مشهد يعتصر له القلب ألمًا، تبدأ محكمة جنايات دمنهور، الدائرة الأولى بمحكمة إيتاي البارود في البحيرة، الأربعاء 30 أبريل 2025، أولى جلسات محاكمة موظف متهم بارتكاب جريمة هزت ضمير المجتمع، عندما امتدت يد الغدر لتهتك براءة طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره.
المتهم، "صبري. ك. ج. ا"، مراقب مالي يبلغ من العمر 79 عامًا، أُحيل إلى محكمة الجنايات بعد اتهامه بهتك عرض الطفل "ياسين. م. ع" داخل إحدى المدارس الخاصة بدمنهور، في قضية حملت رقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور، والمقيدة برقم كلي 1946 لسنة 2024 وسط البحيرة.
مأساة الصمت.. كيف تسللت الجريمة؟
تشير أوراق التحقيقات إلى أن المتهم، رغم سنه المتقدم وموقعه الوظيفي، خان الأمانة التي يفترض أن يتحلى بها كل من يعمل في ميدان التربية والتعليم، مستغلًا براءة طفل صغير لم يكن يتوقع أن يتحول مكان تعلمه إلى ساحة انتهاك.
فقد أكدت النيابة العامة أن المتهم أقدم، بدون تهديد أو قوة، على انتهاك جسد الطفل، مرتكبًا جريمة يعاقب عليها القانون المصري وفقًا للمواد 261 و201 من قانون العقوبات، والتي تصل عقوبتها إلى السجن المشدد.
الجاني.. خلف ستار العمر الكاذب
رغم المظهر الخارجي الموقر الذي يوحي بالوقار، إلا أن تحريات القضية كشفت أن المتهم يعاني من اضطرابات سلوكية وجنسية مرتبطة بالتقدم في العمر والعزلة، مع احتمالية إصابته باضطراب التحكم الجنسي القهري، وهو ما يضاعف خطورة إهمال المتابعة النفسية والسلوكية داخل مؤسسات العمل مع المسنين العاملين في المدارس.
رسائل للأهالي والمجتمع.. كيف نحمي أطفالنا؟
أحداث مأساوية مثل هذه تحتم علينا جميعًا، كأولياء أمور ومسؤولين ومجتمع، أن نتحرك بجدية لحماية أطفالنا. ومن أبرز التوصيات التي خرج بها الخبراء بعد متابعة هذه الجريمة المؤلمة:
-
لا ثقة مطلقة: لا بد من توعية الأطفال بعدم الاقتراب أو الاستسلام لأي شخص يحاول لمسهم بشكل مريب، حتى لو كان من داخل المدرسة أو الأسرة.
-
الملاحظة اليومية: يجب على الأهل مراقبة أي تغيرات سلوكية أو نفسية تطرأ على الطفل، كالعزلة أو الخوف أو البكاء دون سبب واضح.
-
التثقيف المبكر: لا تنتظر حتى يكبر طفلك.. علمه من سن صغيرة "حدود الجسد" و"متى يقول لا".
-
قنوات آمنة للشكوى: لابد أن تكون هناك جهة داخل كل مدرسة يستطيع الأطفال اللجوء إليها بأمان في حال التعرض لأي مضايقات.
-
تشديد الرقابة على العاملين بالمدارس: عبر فحوصات طبية ونفسية دورية، لمنع تكرار مثل هذه الجرائم.
القضاء.. بصيص أمل في القصاص العادل
بينما ينتظر الرأي العام الحكم في قضية الطفل ياسين، تبقى العدالة آخر خطوط الدفاع عن البراءة المغتصبة. المجتمع كله يترقب أن يكون القصاص عبرةً لمن تسوّل له نفسه أن يمد يده على براءة طفل، وأن تبقى المدارس أماكن للنور والمعرفة، لا ساحات للخوف والانتهاك.