الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

العالم

نتنياهو يستنجد بترامب

نتنياهو بين مطرقة قضايا الفساد وسندان المكالمة المسرّبة مع ترامب.. مستقبل سياسي مهدد بالعفو أو السقوط

مكالمة هاتفية بين ترامب والنتن ياهو
-

في لحظة سياسية فارقة تعكس حجم الأزمة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كشفت مصادر أمريكية وإسرائيلية تفاصيل مكالمة مطوّلة جرت بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حملت ما يشبه استغاثة سياسية أخيرة من نتنياهو لإنقاذ مستقبله المهدد بسلسلة قضايا الفساد التي تحاصره منذ سنوات.

المكالمة، التي تناولت ملفات غزة وسوريا والعفو الرئاسي، جاءت في توقيت تتداخل فيه ضغوط الحرب مع محاكمات الفساد المفتوحة، لتكشف بصورة غير مسبوقة هشاشة موقع نتنياهو، وسعيه المكشوف للحصول على مظلة حماية قانونية تمنع سقوطه سياسيًا وشخصيًا.

خلفية قضايا الفساد.. «الملفات 1000 و2000 و4000» تهدد الإرث السياسي لنتنياهو

لأول مرة... نتنياهو يدلي بشهادته في محاكمته بالفساد

منذ عام 2016، يخضع نتنياهو لسلسلة تحقيقات واتهامات في ثلاث قضايا رئيسية:

1) الملف 1000 – الهدايا الثمينة

اتهامه بتلقي هدايا بقيمة مئات الآلاف من الشواقل من رجال أعمال مقابل تسهيلات ومنافع.

2) الملف 2000 – صفقة التغطية الإعلامية

اتهامه بمحاولة ترتيب صفقة مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” للحصول على تغطية إيجابية مقابل التضييق على صحيفة منافسة.

3) الملف 4000 – الامتيازات الضخمة لمجموعة “بيزك”

وهو أخطر الملفات، حيث يُتهم نتنياهو بمنح تسهيلات مالية هائلة لشركة اتصالات مقابل تحسين صورته في موقع “واللا”.

هذه القضايا، التي تتراوح أحكامها القانونية المحتملة بين الغرامات الكبيرة والسجن لسنوات، تجعل مستقبل نتنياهو السياسي معلّقًا بين يد القضاء وبين إمكانية الحصول على عفو رئاسي قبل صدور الحكم النهائي.

المكالمة المسرّبة مع ترامب.. استجداء سياسي مغلف بالدبلوماسية

بحسب تسريبات موقع «أكسيوس»، فإن نتنياهو استغل المكالمة الأخيرة مع ترامب ليطلب منه مضاعفة دعمه في معركة الحصول على العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.

أبرز ما جرى في المكالمة:

  • ترامب أكد أنه يؤيد العفو لكنه لم يقدم التزامًا إضافيًا.

  • نتنياهو طلب «مزيدًا من التدخل» لإقناع هرتسوغ.

  • ترامب أبلغ نتنياهو بأنه «قدّم كل ما يستطيع».

  • مسؤول إسرائيلي قال إن ترامب هو من أثار الموضوع أولًا.

اللافت هنا أن نتنياهو بات يعتمد بشكل مباشر على تدخلات خارجية لإنقاذه من المسار القضائي الداخلي، وهو ما يعكس عمق الأزمة التي يواجهها.

نتنياهو مدافعاً عن نفسه في محكمة تحت الأرض: حياتي صعبة للغاية ولا أكمل  سيجارة

طلب رسمي للعفو.. خطوة تكشف حجم الخوف من الإدانة

في اليوم السابق للمكالمة، أرسل نتنياهو رسالة رسمية إلى هرتسوغ يطلب فيها عفوًا رئاسيًا شاملًا يتيح له – حسب قوله – التركيز على “الأمن القومي” و“الملفات الإقليمية”.

هرتسوغ بدوره أعلن أنه سيدرس الطلب خلال شهرين، بعد استكمال الاستشارات القانونية، ما يعني أن مصير نتنياهو معلق بين:

  • رأي المستشار القضائي

  • موقف المحكمة

  • حسابات الرأي العام

  • وضغوط السياسة الداخلية والخارجية

تأثير المكالمة على مستقبل نتنياهو السياسي

هذه المكالمة المسربة تُعد ضربة قوية لصورة نتنياهو أمام خصومه وحلفائه على حد سواء.
ويمكن تلخيص التأثير في ثلاثة محاور:

1) صورة زعيم غير قادر على مواجهة القضاء

طلب العفو قبل صدور الحكم اعتبره محللون “اعترافًا ضمنيًا” بخوفه من الإدانة.

2) تهديد موقعه داخل اليمين الإسرائيلي

قادة داخل الليكود يرون أن استمرار نتنياهو يضر بالحزب ويعرّضه لخسارة شعبيته.

3) تأثير مباشر على مفاوضات الحرب والملفات الإقليمية

خصومه يرون أنه يستخدم الحرب في غزة “درعًا شخصيًا” لتأجيل محاكمته.

ضغوط ترامب في ملف غزة.. رسالة واضحة لنتنياهو

المكالمة لم تقتصر على ملف العفو، بل شهدت ضغوطًا واضحة من ترامب بشأن أداء إسرائيل في غزة.

  • ترامب طالب نتنياهو بأن يكون “شريكًا أفضل” في تنفيذ اتفاق السلام.

  • انتقد استمرار قتل مقاتلي حماس في الأنفاق بدلًا من السماح لهم بالاستسلام.

  • واشنطن كانت تضغط لتطبيق “نموذج الاستسلام الآمن”.

رد نتنياهو كان حادًا، مؤكدًا أن المقاتلين “مسلحون وخطرون”.

الملف السوري.. توتر إضافي يضغط على نتنياهو

ناقشت المكالمة أيضًا الغارات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا التي أثارت غضب دمشق، حيث طلب ترامب من نتنياهو:

  • تخفيف العمليات العسكرية

  • عدم استفزاز القيادة السورية الجديدة

وهو ما يبدو أن نتنياهو استجاب له، إذ خفف لهجته تجاه سوريا بعد المكالمة مباشرة.

خلاصة المشهد.. نتنياهو على الحافة

كل المعطيات تشير إلى أن مستقبل نتنياهو يمر بثلاثة سيناريوهات لا رابع لها:

1) الحصول على العفو الرئاسي والنجاة سياسيًا

وهو سيناريو سيقابل بمعارضة كبيرة داخل القضاء والشارع.

2) استمرار المحاكمة وتلقي ضربة سياسية قد تُنهي مسيرته

خاصة مع تراجع الدعم الشعبي.

3) انفجار داخل الليكود وإزاحة نتنياهو من قيادة الحزب

وهو السيناريو الذي يتحرك ضده نتنياهو بكل قوة.

المكالمة المسرّبة لم تكن مجرد اتصال بروتوكولي، بل كانت صرخة سياسية من زعيم يدرك أنه قد يكون على أعتاب نهاية فصل كامل من تاريخه.