شلل مروري في القدس.. مئات الآلاف من الحريديم يتظاهرون رفضًا للتجنيد الإلزامي

تحولت مدينة القدس اليوم الخميس إلى ثكنة بشرية مغلقة بعد أن احتشد مئات الآلاف من اليهود الحريديم عند مدخل المدينة، في واحدة من أضخم التظاهرات التي تشهدها إسرائيل خلال العام الجاري، احتجاجًا على قانون التجنيد الإلزامي في الجيش الإسرائيلي.
بحسب تقديرات وسائل إعلام عبرية، شارك في المظاهرة ما يقرب من 300 ألف متظاهر، توافدوا من مختلف مناطق البلاد عبر مئات الحافلات، ما تسبب في شلل شبه تام للحركة المرورية وإغلاق الشوارع الرئيسة المؤدية إلى العاصمة.
![]()
القدس تحت الحصار.. إغلاقات شاملة ومحاور بديلة
أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي إغلاق جميع مداخل المدينة منذ ساعات الظهر، وفرضت خطة أمنية مشددة شارك فيها مئات من عناصر الشرطة وحرس الحدود، بحجة “الحفاظ على النظام العام”.
وشملت الإغلاقات شارع رقم 1 بين مفرق اللطرون وغفعات شاؤول، مع تحويل حركة السير إلى طريق رقم 16، إضافة إلى إغلاق شوارع يافا وهرتسل وشزر باتجاه مركز المدينة.
كما أعلنت شركة القطارات الإسرائيلية عن توقف محطة "يتسحاق نافون" المركزية عن استقبال الركاب عند الساعة الثانية ظهرًا، لتفادي الازدحام الهائل داخل المحطة، التي شهدت منذ الصباح تدفقًا غير مسبوق للمسافرين.

“الشعب مع التوراة”.. شعارات الحريديم تملأ الشوارع
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها:
“الشعب مع التوراة”
“إغلاق المعاهد التوراتية يعني القضاء على اليهودية”.
وأكد المشاركون أنهم يحتجون ضد ما وصفوه بـ“المماطلة الحكومية” في إقرار قانون يمنحهم إعفاءً كاملاً ودائمًا من الخدمة العسكرية، وهو مطلب يعتبرونه “حقًا دينيًا” وفق تعاليمهم.
ورغم محاولة المنظمين السيطرة على الموقف، إلا أن مشاحنات محدودة اندلعت بين جماعات حريدية مختلفة بسبب الشعارات المرفوعة، خصوصًا تلك التي هاجمت الجيش والحكومة بشكل مباشر.
فوضى في المواصلات العامة واختناق داخل القدس
منذ ساعات الصباح، شهدت محطات الحافلات والقطارات المركزية فوضى غير مسبوقة، بعد تدفق آلاف المتظاهرين إلى المدينة، ما تسبب في اختناقات مرورية خانقة امتدت حتى الطرق الداخلية ومحيط مركز القدس.
وقالت الشرطة في بيان رسمي إنها “نشرت مئات العناصر لضمان النظام العام وحرية التعبير”، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من أن أي أعمال شغب أو اعتداء على الممتلكات “ستواجه بالحزم”.
خلفية الأزمة.. بين الدين والدولة
تأتي هذه المظاهرة في ظل تصاعد الجدل داخل إسرائيل حول قانون التجنيد الإلزامي للحريديم، وهو أحد أكثر الملفات حساسية في السياسة الإسرائيلية.
فقد ألغت المحكمة العليا في وقت سابق القوانين التي منحت إعفاءات دائمة للطلاب الحريديم، وطالبت الحكومة بوضع تشريع جديد “عادل”، وهو ما يرفضه التيار الديني بشدة، معتبرًا أن الخدمة العسكرية تتعارض مع واجبهم الديني في دراسة التوراة.
ويرى محللون أن هذه الاحتجاجات تمثل اختبارًا جديدًا لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه ضغوطًا متزايدة من شركائها المتشددين لضمان تمرير القانون قبل الانتخابات المقبلة.
تحذيرات الشرطة من انفلات أمني
بين صرخات الحريديم “لن نخدم في الجيش” وتحذيرات الشرطة من انفلات أمني، تعيش القدس اليوم واحدة من أكثر لحظاتها ازدحامًا وتوتّرًا منذ سنوات، فيما يبقى ملف التجنيد الإلزامي قنبلة سياسية موقوتة قد تنفجر في وجه الحكومة في أي لحظة.

